إن النشيد: أي الصوت المطرب، إذا كان من رجلٍ لنفسه كالراكب الذي يُنشد وهو سائر في الطريق، أو كان هذا النشيد كذلك مسجلاً في أشرطة يسمعها، ولم يكن بآلة، وكان الذي فيه غير معصية بأن كان ثناءً على الله أو على رسوله أو على المؤمنين فلا حرج فيه شرعاً، بل هو من السنن، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به في حديث أنجش عندما قال: "رفقاً بالقوارير يا أنجش"، وكذلك شارك فيه كما في حديث البخاري أنه قال: "أبينا" ويرفع بها صوته، وفي رواية يمد بها صوته، وكذلك قال لعامر بن الأكوع يوم خيبر: "من هذا غفر الله له؟" فقال له عمر: ألا أمتعتنا به؟ وكذلك شارك في النشيد في حفر الخندق وفي بناء المسجد وكان يقول يوم حنين:
"أنا النبي لا كذب *** أنا ابن عبد المطلب"
وكان يقول:
"هل أنت إلا اصبع دَميتي *** وفي سبيل الله ما لقيتي"
فهذا النوع من النشيد جائز، ومثل ذلك نشيد النساء فيما بينهن وبالأخص الجواري الصغيرات اللواتي لم يبلغن في المناسبات كالنكاح والأعياد، فنشيدهن بدون آلة إذا لم يسمعه الرجال لا حرج فيه أيضاً.
أما كل نشيد بآلة، تصاحبه آلة كالمزامير والمعازف فهو محرم بدلالة قول الله تعالى: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزواً أولئك لهم عذاب أليم}، وقد صح عن ابن مسعود أنه أقسم أن هذه الآية نزلت في الغناء، وكذلك ما كان مسجلاً من الأغاني بالآلة على الأشرطة أو الأسطوانات فهو مثل سماعها بالمباشرة محرمٌ تمام التحريم، ومتوعدٌ عليه من يستحله في آخر الزمان بأن يمسخ قرداً أو خنزيراً، فالذين يُمسخون في آخر الزمان قردة وخنازير يستحلون الخمر والحر والمعازف كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.